تمهيد إشكالي
تمتد بين المغرب والاتحاد الأوربي علاقات سياسية واقتصادية قوية تضرب بجذورها في عمق التاريخ، ويدعمها القرب الجغرافي، وقد تطوَّرت هذه العلاقة عبر سلسلة من المحطات المتوالية إلى أن تمَّ التوقيع سنة 1996م على اتفاقية الشراكة بين البلدين، التي بدأ العمل بها في الأول من شهر مارس 2000م، وقد رسم الاتحاد الأوربي لنفسه هدفا طموحا يتجلى في جعل منطقة البحر الأبيض المتوسط “منطقة تبادل وحوار”، وقد كانت تحدوه في ذلك رغبته الراسخة في إثبات وجوده في هذا الفضاء.
- ما هي الظروف الجيوتاريخية للشراكة بين المغرب والإتحاد الأوربي؟
- وما هو محتوى اتفاقية الشراكة بين المغرب والإتحاد الأوربي؟
- وما هي برامج التعاون المواكبة لهذه الاتفاقية؟
الظروف الجيوتاريخية للشراكة بين المغرب والإتحاد الأوربي
المغرب بلد مجاور لأوربا
يقع المغرب شمال غرب إفريقيا، وفي الحد الغربي للوطن العربي، ولا يفصله عن أوربا سوى مضيق جبل طارق الذي لا يتعدى عرضه 15 كلم، وبالتالي يعتبر المغرب أكثر البلدان الإفريقية والعربية قربا من القارة الأوربية إلى جانب انفتاحه على المحيط الأطلنطي والبحر المتوسط، في المقابل، يشغل الإتحاد الأوربي حيزا كبيرا من القارة الأوربية التي تتميز بموقعها الإستراتيجي المتمثل في كونها جزءا من العالم القديم، ومجاورتها لكل من آسيا وإفريقيا، وإطلالها على المحيط الأطلنطي والبحر المتوسط، وتوفرها على معابر دولية.
مر تأسيس الشراكة بين المغرب والإتحاد الأوربي بمراحل متعددة
- في سنة 1963م: انطلقت المفاوضات بين المغرب والمجموعة الأوربية التي آلت إلى إبرام اتفاقية تجارية تفضيلية بين الطرفين سنة 1969م.
- في سنة 1976م: تم التوقيع على اتفاقية حصل المغرب بموجبها على هبات لفائدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- في سنة 1987م: تقدم المغرب بطلب الانضمام إلى المجموعة الأوربية، غير أن هذه الأخيرة كان ردها سلبيا بدعوى أن المغرب لا ينتمي إلى القارة الأوربية.
- حدد إعلان برشلونة سنة 1995م أسس الشراكة الأوربية المتوسطية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وعلى ضوء ذلك تم التوقيع سنة 1996م على اتفاقية الشراكة بين المغرب والإتحاد الأوربي.
- في فاتح مارس سنة 2000م شرع في تفعيل هذه الاتفاقية.
مبادئ وأهداف اتفاقية الشراكة بين المغرب والإتحاد الأوربي
مبادئ اتفاقية الشراكة المغربية الأوربية
نصت اتفاقية الشراكة المغربية الأوربية على مبادئ أساسية، تتمثل في إرساء علاقات متوازنة قائمة على مبادئ التبادل والشراكة والتنمية المشتركة في إطار مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.
تعددت مجالات أهداف اتفاقية الشراكة
- المجال السياسي: إقامة الحوار السياسي من أجل تعزيز العلاقات بين الطرفين، والتشاور والتقارب والتفاهم، وطرح القضايا والاهتمامات والدفاع عن المصالح المشتركة بينهما.
- المجال الاقتصادي: دراسة المواضيع الاقتصادية المشتركة، من بينها: المبادلات التجارية، الاستثمار، التنافس، التعاون الاقتصادي.
- المجال الاجتماعي: تنمية التعاون الاجتماعي، المساعدة الصحية، التشغيل.
- المجال الثقافي: التعاون الثقافي والتربوي والعلمي والتقني، وتبادل الخبراء والتجارب، والتواصل والاتصال.
- مجالات أخرى: منها التعاون المالي وحماية البيئة.
جوانب أخرى للتعاون في إطار الشراكة بين المغرب والإتحاد الأوربي
اتفاقية الشراكة في مجال الصيد البحري
تمتد الاتفاقية على مدى أربع سنوات، وتنص على: تقليص الكمية المسموح باصطيادها، والترخيص فقط للسفن التقليدية التي تستعمل آليات صيد انتقائية، واستثناء المصايد الحساسة والخاضعة لضغط قوي، والعمل بنظام التدبير بالحصص للأسماك السطحية في المنطقة الجنوبية مقابل منح المغرب تعويض مالي سنوي، بالإضافة إلى تفريغ نسبة من الإنتاج بالموانئ المغربية، وتوفير الشغل لحوالي 300 بحار على متن السفن الأوربية المرخص لها.
تعززت العلاقات المغربية الأوربية في مختلف الميادين
يعتبر الاتحاد الأوربي الشريك التجاري الأول للمغرب بحوالي 70% من المبادلات الخارجية، وتتشكل صادرات المغرب في معظمها من النسيج، والمواد الغذائية، والخضر والفواكه، والأسماك، والحامض الفسفوري، والمعادن، في المقابل تغلب المنتجات الصناعية على الواردات، وينتمي القسم الأكبر من الاستثمارات الأجنبية بالمغرب لدول الإتحاد الأوربي، كما يعتمد المغرب بنسبة مهمة على الإتحاد الأوربي من حيث مداخيل السياحة وتحويلات العمال المغاربة، ويحتل الأوربيون صدارة الجالية الأجنبية بالمغرب، ويعد المغرب أول مستفيد من “برنامج ميدا” من خلال نوعين من العمليات، هما:
- المساعدة التقنية والتجهيزات والأشغال في ميادين متعددة.
- المساعدة في الميزانية لتحفيز المغرب على القيام بالإصلاحات الإستراتيجية والصعبة (النقل، القطاع البنكي).
وفي سنة 2005م وقع الإتحاد الأوربي على عقد للدعم المالي مع منظمات المجتمع المدني المغربي في إطار المبادرة الأوربية لدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
خاتمة
فرضت المصالح المتداخلة على المغرب والإتحاد الأوربي إقامة الشراكة بينهما والعمل على تطويرها، لكن هذه الشراكة تصطدم ببعض الصعوبات، منها: الهجرة السرية، والإرهاب الدولي، وآفة المخدرات، ووضعية العمال المغاربة في المهجر.